كيف خسرت ١٥ كيلو غرام من وزني

في يومٍ من الأيام وقفت على الميزان ونظرت إلى الأرقام على شاشة الميزان، وصُدِمت حينما رأيت وزني وقد قارب المائة كيلو غرام، حينا قررت أنه يجب عليّ أن أبدأ بتخفيف وزني حفاظًا على صحتي ولياقتي، لا سيما وأنّ لي سابقة مع ارتفاع ضغط الدم الشرياني حيث أصابني المرض لمدة عام وبفضل الله ذهب عني بعد أن غيرت مكان إقامتي وعملي وانتقلت لمعيشة أفضل خالية من التوتر، ولكن حينما كان ضغط دمي مرتفعًا أشار لي الطبيب بأنه يجب عليّ مراقبة وزني لأنّ زيادة الوزن تأثر في ارتفاع ضغط الدم.

استطعت تخفيض وزني من ٩٧ كيلو غرام إلى ٨٢ كيلو غرام في ٣ أشهر!

بدأت باتباع الحمية مع نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر ٢٠١٦، واستمرّيت عليها حتى نهاية شهر شباط فبراير ٢٠١٧. في البداية كان وزني ٩٧ كيلو غرام ونسبة الدهون في جسمي حوالي ٢٣٪ وهي تعتبر نسبة عالية، وبأخذ طولي ١٧٣ سم في عين الاعتبار فكنت أعتبر من الأشخاص البدينين وعلى حافة البدانة المفرطة.

في نهاية الحمية وصل وزني إلى ٨٢ كيلو غرام ونسبة الدهون إلى ١٤٪ فقط، وأصبحت في الحدود العليا للوزن الطبيعي، ما زلت حتى الآن أمتلك كرشًا صغيرًا، ولكنّه لا يقارن بسابقه أبداً 😬

حمية الكيتو

الحمية التي اتبعتها هي حمية الكيتوجينيك أو حمية الكيتو أو حمية مولّد الكيتون. باللغة الإنكليزية هي Keto Diet أو Ketogenic Diet.

هي إحدى الحميات قليلة النشويات كثيرة الدهون، حيث تعتمد هذه الحمية على تغيير مصدر طاقة الجسم من السكريات (جزيئات الجلوكوز) إلى الكيتونات، فعندما يكون معدل النشويات التي يأكلها الشخص في اليوم أقل من ٥٠ غرام ينخفص مستوى السكر في الدم بشكل كبير، وبما أن السكر هو جزيء الطاقة الذي تعتمد عليه أجسامنا في الحميات المتبعة بشكل واسع في العالم اليوم، فإن الجسم يجد نفسه أمام مشكلة للبحث عن مصادر بديلة للطاقة، وخاصة للدماغ الذي يستهلك النسبة الأكبر من الطاقة مقارنةً بوزنه (كما ذكرت في هذه المقالة)، وهنا يلجأ الجسم لحرق الدهون بشكل كبير لاستخراج الطاقة منها، حيث يقوم الكبد بتحويل الدهون إلى أحماض دهنية وكيتونات، ويتخلص الجسم من الأحماض الدهنية ويبقي على الكيتونات التي يستخدمها لتوليد الطاقة في الجسم عوضًا عن الجلوكوز.

تبدأ الحمية بالعمل بعد أن يتم الشخص الصيام عن النشويات لمدة أسبوع على الأقل، وقد تحتاج إلى أسبوعين لتبدأ بالعمل، وسيحتاج الشخص للإبقاء على مستوى النشويات التي يأكلها أقل من ٥٠ غرام في اليوم حتى يبقى الجسم في الحالة التي يستهلك فيها الدهون للطاقة.

الأطعمة المسموح فيها في هذه الحمية هي الأطعمة كثيرة الدهون والبروتين، وقليلة النشويات والسكر، وكثيرة الألياف، فمثلاً ينصح للشخص بأن يتناول بيضتين مقليّتين بملعقتي زبدة يوميًا عند الإفطار، بينما يمكنك تناول تشيزبرغر للعشاء لكن دون خبز أو كتشب، وبالطبع دون مشروبات غازية.

إحدى ميّزات هذه الحمية أنك بعد فترة ستتوقف عن الشعور بالجوع، لأن الشعور بالجوع مرتبط بانخفاض مستوى السكر بالدم، ففي الحميات الأخرى يرتفع مستوى السكر في الدم عند كل وجبة، وبعدها بقليل يبدأ بالانخفاض تدريجيًّا، وعندما ينخفض جداً يبدأ جسمك بإنذارك بأنك جائع وعليك أن تأكل، أما في هذه الحمية فنسبة السكر في الدم تبقى ثابتة على أدنى مستوياتها، وبما أن جسمك يستهلك الدهون المتوفرة داخل الجسم بشكل كبير وضمن الغذاء فإنك لن تشعر بالجوع مطلقًا، وبالتالي لن تأكل ما يزيد عن حاجتك. وبالتالي وكأثر جانبي جيد لهذه الحمية فإنّها تفيد بعض مرضى السكري بشكل كبير.

السكر المجرم الخطير

نتناول يوميًا الكثير من الأطعمة المليئة بالسكر دون أن ندري، ودون أن ندري مخاطر السكر على أجسادنا، فلفترة طويلة خاض العالم حربًا على الدهون متهمًا إياها بالعديد من الأمراض الخطيرة، بينما سعت الشركات العالمية جاهدةً لإخفاء المجرم الأخطر، ألا وهو السكر. سأكتب مقالاً منفصلاً للحديث عن مخاطر السكر والمؤامرة الكبيرة ضد الدهون والتي سعت لإخفاء مخاطر السكر، ولكن إذا أردت يمكنك البحث عن الموضوع بشكل مفصل، ويمكنك قراءة هذه المقالة من صحيفة الغارديان.

ستتفاجأ حينما تبدأ بقراءة المعلومات والقيم الغذائية على المنتجات التي تشتريها، ستنصدم كثيراً عندما تجد السكر في كل مكان، فالشركات تضيف السكر في كل شيء لأن أجسامنا وبكل بساطة تتوق للحصول على السكر لأنه مصدر سريع جداً للطاقة، وبالتالي إذا أُضيف السكر إلى أي شيء فإنّه يضاعف احتمالية تقبل المستهلكين لهذا الشيء أضعافًا كثيرة جدًا.

كيف اتبعت هذه الحمية

التزمت شخصيًا بالإبقاء على معدل نشويات أقل من ٢٥ غرام في اليوم، إذا كان من الصعب عليك أن تتخيل كيف تبدو تلك الكمية، فعليك أن تتخيل قطعتين من الخبز الأبيض.

قطعتان من الخبز الأبيض يحتويان على ٢٥ غرام من النشويات

كما التزمت بإبقاء معدل السعرات الحرارية من الطعام يوميًا أقل من ١٣٠٠ سعرة حرارية، بينما كان معدل السعرات الحرارية التي يصرفها جسمي يوميًا بحسب بعض الحسابات التي أجريتها حوالي ٢٠٠٠ سعرة حرارية وسطيًا، وبالتالي فكان على جسمي أن يحرق الدهون بشكل كبير ليؤمن حاجته من الطاقة لتغطية الفرق الكبير بين كمية السعرات الحرارية الداخلة وكمية السعرات الحرارية المستهلكة.

ابتعدت عن جميع مصادر النشويّات، وهي على سبيل المثال لا الحصر، كافة أنواع الخبز، كافة أنواع المعجنات، جميع أنواع المعكرونة والباستا والبيتزا، جميع الحلويات، الحليب (كأس من الحليب يحتوي على ١٠ غرام سكريات)، الفواكه إلا القليل منها (كنت آكل قطعة صغيرة من البرتقال أو البطيخ كل أسبوع)، السكر (لم أكن سابقًا أضيف السكر إلى طعامي أو شرابي أيًّا كان، ولكن كنت آكل الحلويات بالتأكيد)، كل المشروبات الغازية والعصائر، جميع منتجات القمح والشعير والشوفان وما يشابهها، جميع منتجات البطاطا، جميع البقوليات (أكثر ما افتقدته هو طبق الحمص باللبن يوم السبت على الإفطار)، والكثير غيرها.

قد تتساءل ماذا أكلت إذن؟ كان معظم طعامي هو من الخضروات والأوراق الخضراء، كل ما ينمو من الخضروات فوق سطح الأرض (فأغلب ما ينمو تحت سطح الأرض يكون مليئاً بالنشويات)، الكثير من اللحم بجميع أنواعه، أغلب أنواع الدهون كالزبدة والسمن الحيواني والدهن الحيواني، الأجبان لأنها مليئة بالدهون، ثمار الأفوكادو لاحتوائها على الكثير من الدهون المفيدة، القرنبيط والبروكلي والكوسا كبديل لمنتجات الأرز أو القمح، وكان من أفضل ما كنت أستمتع به حينها هو المكسرات والموالح حيث أنها غنية بالدهون وقليلة النشويات نسبيًا.

قمت مرتين بعمل بعض البسكويت كتحلية لآكلها بجانب القهوة أيام العطل، واستخدمت فيها إريثريتول بدلاً من السكر، وطحين اللوز أو طحين جوز الهند بدلاً من طحين القمح، وكانت النتائج عظيمة!

قبل البدء كان علي القراءة كثيراً والتعرّف على الكثير من المعلومات والضوابط حتى لا يكون الموضوع عبثيًا

قبل أن أبدأ باتباع الحمية قرأت الكثير من المقالات العلمية عنها، وتابعت الكثير من المجتمعات الالكترونية على الإنترنت التي ساعدتني على فهم آلية عمل الحمية، وكيفية ضبط وقياس كل ما آكله من غذاء، وكيفية متابعة تطور الحمية. حصلت على مقياس بسيط للدهون لمتابعة نسبة الدهن في جسمي.

هذا المقياس يعطيك نسبة الدهون في جسدك بعد أن تأخذ عدة تسجيلات من مناطق مختلفة من الجسد

كنت أقيس معدل الكيتون المطروح في البول يوميًا باستخدام أوراق خاصة، حيث أنّ الجسم يطرح الكيتونات مع البول إذا كان ينتجها بكثرة، وهو أحد المؤشرات أن جسمي ما زال يحرق الدهون بشكل كبير.

كيتوستيكس أو Ketostix من شركة باير Bayer تقيس معدل الكيتون المطروح في البول

كان معدل نقصان الوزن في النهاية تمامًا كما خططت له، كنت أرمي أن أصل إلى وزن ٧٧ كيلو غرام ولكن توقفت قبل ذلك حتى أعتاد على حمية غذائية متوازنة، قليلة السكريات والنشويات ولكن دون التركيز على الدهون للطاقة، ولكي ألتفت إلى ممارسة الرياضة بشكل أكبر.

ما ساعدني على الموضوع كثيراً هو المساندة التي كنت أتلقاها من حولي

في المقام الأول زوجتي ساندتني بشكلٍ عظيم، فقامت بإجبار نفسها على اتباع حمية غذائية (مختلفة عن حميتي) وذلك فقط حتى نخطط سويةً لما سنأكله وننتبه للمعلومات الغذائية في كل منتجٍ نشتريه، إضافةً إلى ذلك، وبما أنها لم تتبع الحمية نفسها معي، فقد كانت تحضّر دائمًا نوعين مختلفين من الطعام، فبدلاً من نوعٍ واحد نأكل منه سوياً، كانت تعد نوعين أو ثلاثة. وفي المقام الثاني كان مساندة زملائي في العمل، فقد أنشأنا مجموعة للمهتمين بهذه الحمية، وكنا نشارك مع بعضنا الصور والإحصائيات والأرقام ووصفات الطعام، وندعم بعضنا البعض نفسياً ومعنوياً، ونتبادل المنتجات التي نجدها مفيدة لنا. بدون هذا الدعم من زوجتي ومن زملائي لا أعتقد أنني كنت سأستمر على الحمية لثلاثة أشهر!

النتائج

  • نزل وزني من ٩٧ كيلو غرام إلى ٨٢ كيلو غرام
  • نزل محيط خصري من ٤٤.٥ بوصة إلى ٣٦ بوصة
  • نزل مستوى الدهن في جسمي من ٢٣٪ إلى ١٤٪
  • أصبحت ألبس بنطال مقاس ٣٢×٣٢ بدلاً من ٣٨×٣٢
  • أصبحت ألبس مقاس متوسط Medium بعد أن كنت ألبس المقاس الكبير Large والكبير جداً X-Large.

وصلات مساعدة

إذا أردت التعرف أكثر عن الحمية يمكنك الاطلاع الوصلات التالية:

  1. مجتمع كيتو على موقع ريديت
  2. مدخل إلى الحميات قليلة النشويات مكتوب من قبل طبيب والموقع كله يتحدث عن هذه الحمية
  3. موقع ruled.me يحتوي على المعلومات ووصفات لبعض الأطباق
  4. عدة وصفات قمت بتجميعها أثناء اتباعي للحمية باستخدام بينترست
  5. مواقع أخرى للوصفات:
    1. http://www.ibreatheimhungry.com
    2. https://theprimitivepalate.com
    3. http://thenourishedcaveman.com

عبد الله دياب

أبحث عن اليقين في كل تفاصيل الحياة

أمستردام، هولندا

التعليقات باستخدام Disqus